كتابات | آراء

حديث الإثنين: حينما تكون الجيوش ضحية لخلافات الساسة

حديث الإثنين: حينما تكون الجيوش ضحية لخلافات الساسة

في الدول المتقدمة تنحصر اختلافات الحكام والساسة حول المصلحة الوطنية العليا للشعوب ومن هنا يحدث التنافس على أساس وطني تكون الكلمة الفاصلة فيه هي للشعب،

بينما في الوطن العربي ينتج عن اختلاف الحكام والساسة انقسامات في أوساط الجيوش تفضي إلى حروب داخلية تدمر الشعوب وما حققته من مكاسب ولو توقفنا قليلا أمام ما يحدث وحدث في اليمن خلال أكثر من نصف قرن لوجدنا أن الأزمات السياسية والفتن التي يشعلها الحكام والساسة بخلافاتهم تكون ضحيتها بالدرجة الأولى هي القوات المسلحة لأن بناءها يتم على أساس الدفاع عن الحكام وليس عن الأوطان .
على سبيل المثال لقد كان للأزمة السياسية التي شهدها الشعب اليمني في السنوات الماضية تأثيرها الجلي والواضح على القوات المسلحة بمختلف تشكيلاتها وأفرعها حيث تعرضت لتآمرات كبيرة وتخريب متعمد في محاولة لعرقلة دمجها وبنائها البناء الوطني السليم ومورست ضدها في مختلف الجوانب شتى صنوف العبث بمقدراتها كضياع استحقاقات منتسبيها وإضعاف جاهزيتها القتالية والمعنوية والفنية وغير ذلك من الممارسات التي تركت نفسها سلبا على وضع القوات المسلحة بشكل عام وفي الوقت نفسه تسببت الأزمات السياسية في إشاعة الفوضى والتسيب الإداري وعدم الإنضباط والإلتزام بالمسؤولية في صفوف القوات المسلحة والأمن  إضافة الى عدم التنظيم وحالة الإرباك التي شابت عملها واستشراء البيروقراطية والروتين الممل في الدوائر الإدارية والمالية وتفشي ظواهر الفساد داخل صفوف القوات المسلحة بفعل السياسة المتبعة غير الحكيمة وكذلك من خلال التعبئة الحزبية الخاطئة وغرس روح التشطير والمناطقية وإذكاء الفتن بين أوساط المقاتلين، وإعتماد توزيع المناصب القيادية في الوحدات والدوائر والترقيات غير القانونية لأعداد كبيرة من الضباط من منطلق مناطقي وحزبي مما أدى الى زعزعة بنيان القوات المسلحة وترهلها، وأيضا حرمان العديد من الضباط والصف والأفراد من حقوقهم ومستحقاتهم نتيجة لسياسة المزايدات والرياء والنفاق التي كان المختلفون سياسيا ينتهجونها ويأتي في مقدمتهم قيادات الأحزاب الرئيسية الممسكة بمفاصل السلطة المؤتمر الشعبي العام والحزب الإشتراكي اليمني والتجمع اليمني للإصلاح  وهذه السياسة قد أدت بدورها الى الإخلال بالقوانين واللوائح والأنظمة العسكرية، كل ذلك كان الهدف منه في الأصل إخراج القوات المسلحة عن جاهزيتها العسكرية وتدمير أسلحتها كما حدث لمنظومة الدفاع الجوي التي تم تدميرها بإشراف أمريكي بحيث تصبح القوات المسلحة اليمنية عاجزة عن مواجهة أي موقف يفرض عليها وعلى الشعب اليمني الأصيل للنيل من سيادته ووحدته واستقلاله  ومكتسباته الوطنية .
وقد وصل التآمر على القوات المسلحة ذروته خلال العشرة الأعوام الماضية في محاولة لإضعافها وشل قدراتها تماما لا سيما بعد أن أوصلت أمريكا والسعودية الفار عبدربه منصور هادي الى سدة رئاسة الجمهورية اليمنية بموجب المبادرة الخليجية، ولا نعتقد أن أي أحد سوى الشعب اليمني الذي عرف وعايش ممارسات جارة السوء السعودية يمكنه أن يدرك ما كانت تخطط له عبر عملائها في اليمن من تآمر على سيادة شعب بأكمله والتي من ضمن مخططاتها الجهنمية إنشاء وإعداد وحدات خاصة خارج إطار القوات المسلحة لتجعل منها نواة لقوات جديدة وهذا ما هو حادث اليوم  حيث وأن في كل جبهة تدعمها السعودية قوات خاصة وموالية لها تسخرها للدفاع عن حدودها إضافة الى المرتزقة الذين استقدمتهم من العديد من الدول لاسيما السودان، ومن هذا المنطلق تحملت القوات المسلحة اليمنية من الظلم المتعمد ما لم يستطيع أي جيش تحمله في أي دولة من دول العالم، ولولا أن ثورة 21 سبتمبر عام 2014م قد عملت على ما يمكن إنقاذه وإلا لكان الجيش اليمني قد تمت مصادرته وتم استبداله بقوات احتلال من الخارج، ورغم أن القوات المسلحة قد دخلت الحرب المفروضة على الشعب اليمني التي أعلنتها أمريكا والسعودية من واشنطن يوم 26 مارس عام 2015م وهي في هذا الوضع الضعيف مدعومة بشباب اللجان الشعبية إلا أن رجالها الأشاوس أبدوا بطولات خارقة وصنعوا ملاحم أسطورية في مختلف جبهات القتال يشهد لهم بها العدو قبل الصديق مغلبين مصلحة الوطن اليمني العليا على أي مصلحة ذاتية فقد خاضوا ملحمة مواجهة العدوان الكوني على اليمن ببسالة نادرة إيمانا منهم بعدالة القضية التي يقاتلون من أجلها والانتصار لها، وقد تحقق على أيديهم النصر ودحر تحالف العدوان في كل الجبهات وحقق رجال القوات المسلحة وشباب اللجان الشعبية بهذه الانتصارات العظيمة تماسكهم ووحدتهم ليصبحوا أداة قوة للشعب كله وقوة حماية للوطن ومكتسباته المتحققة بل وأصبحوا كقوات ضاربة وجبارة الممثل الصادق للشعب والوطن والمعبر الحقيقي لتحقيق طموحات وأماني كل أبناء الشعب اليمني في التقدم والتطور والازدهار وبناء اليمن الجديد الموحد والقضاء على الفساد والفاسدين الذين استغلوا هذا الوضع الاستثنائي وعملوا على نخر مؤسسات الدولة من داخلها وتلاعبوا بمقدراتها .
إن القوات المسلحة واللجان الشعبية كوحدة واحدة سجلت أشرف صفحات النضال البطولي دفاعا عن الوطن اليمني ووحدته ودحرت قوى تحالف العدوان تستحق من القيادة الثورية والسياسية أن تجعل من عملية بنائها وتطويرها على أسس علمية حديثة معنوياً ومادياً في مختلف الجوانب التي تلتقي كلها في هدف واحد وهو بناء جيش وطني بالإضافة إلى ضرورة أن تعطي القيادة الثورية والسياسية اهتماماً اكبر بالقوات المسلحة واللجان الشعبية بما يمكنها من إعادة جاهزيتها من خلال توفير الإمكانات وتنفيذ خطط التدريب والتأهيل ومنح كل أفراد القوات المسلحة واللجان الشعبية جميع حقوقهم المستحقة لتصبح قوة مقتدرة على أداء مهامها الوطنية بنجاح في كل الظروف والأحوال .
بقي ان نقدم الشكر والتقدير للقوات الجوية والصاروخية على أدائها الرائع وصناعاتها المتطورة التي أذهلت العالم وشكلت قوة ردع للعدو أصبح يحسب لها ألف حساب  .

أخبار الجبهات

وسيبقى نبض قلبي يمنيا
لن ترى الدنيا على أرضي وصيا