كتابات | آراء

الجاسوس البريطاني في الشرق الأوسط:أسسنا شركات تحكم (3)

الجاسوس البريطاني في الشرق الأوسط:أسسنا شركات تحكم (3)

يقول السيد هيمبر كانت بريطانيا العظمى إمبراطورية ذات نفوذ واسع ولديها مستعمرات  تشرق الشمس فوق بحارها وتغيب مرة أخرى تحت بحارها ولكن إمبراطوريتنا كانت ضعيفة نسبيا

  في الهند والصين والشرق الأوسط، هذه البلدان ليست بالكامل تحت سيطرتنا ومع ذلك  فإننا نتبع سياسة نشطة وناجحة للغاية في هذه الأماكن وتعتمد هذه السياسة على محورين مهمين متمثلين في محاولة الاحتفاظ بالأماكن التي حصلنا عليها بالفعل وكذلك محاولة الاستيلاء على الأماكن التي لم نحصل عليها بعد وقد كلفت وزارة المستعمرات لجنة من كل  المستعمرات بتنفيذ هاتين المهمتين وحالما دخلت وزارة المستعمرات وضع الوزير ثقته بي وعيني مديراً لشركة شرق الهند ظاهريا وهي شركة تجارية لكن مهمتها الحقيقية كانت البحث عن طرق للسيطرة على أراضي الهند الشاسعة، تاجرت شركة الهند الشرقية أساساً في القطن، الحرير، النيلة، سالتپيتر، الشاي، والأفيون إلا أنه كان يطلق عليها العامة لقب "شركة جون"، أما أهل الهند فكانوا يطلقون عليها اسم شركة "بهادور" وقد كانت شركة مساهمة عامة، وكانت إليزابيث الأولى ملكة إنجلترا قد أصدرت مرسوماً بإنشائها في 31 ديسمبر 1600م مانحة لها سلطات احتكارية على تجارة الهند وجميع مستعمراتها في جنوب شرق آسيا لمدة 21 عاما وذلك بأن تنفرد هذه الشركة بتولي جميع المعاملات التجارية وبهذا تحولت هذه الشركة من مشروع تجاري إلى مؤسسة تحكم جميع الولايات الهندية وجميع مستعمرات التاج البريطاني في المنطقة وذلك بدعم سياسي وعسكري من بريطانيا واستمر ذلك حتى حلت الشركة إثر اندلاع التمرد والعصيان المدني في الهند عام 1858م ولم تكن حكومتنا متوترة على الإطلاق بشأن الهند فقد كانت الهند بلدًا يعيش فيه سكان من جنسيات مختلفة ويتحدثون لغات مختلفة ولديهم اهتمامات متباينة ولم نخاف الصين بالنسبة للأديان السائدة في الصين كانت البوذية والكونفوشيوسية، ولم يكن أي منهما يمثل تهديدًا كبيرًا فكلتاهما ديانتان ميتتان لم تبد أي اهتمام بالحياة ولم تكن سوى أشكال من العناوين لهذا السبب، كان الأشخاص الذين يعيشون في هذين البلدين من غير المرجح أن تكون لديهم أي مشاعر الوطنية لم يقلق هذان البلدان الحكومة البريطانية ومع ذلك فإن الأحداث التي قد تحدث لاحقًا لم تكن موضع نظر بالنسبة لنا لذلك، قمنا بتصميم خطط طويلة الأجل لنشر الفتنة والجهل والفقر وحتى الأمراض في هذه البلدان كنا نقلد عادات وتقاليد هذين البلدين، وبالتالي إخفاء نوايانا بسهولة.
إن أكثر ما آثار قلقنا هو الدول الإسلامية لقد أبرمنا بالفعل بعض الاتفاقات، والتي كانت في صالحنا، مع الرجل المريض (الإمبراطورية العثمانية) وتوقع أعضاء من ذوي الخبرة من وزارة المستعمرات أن هذا الرجل المريض سوف يزول في أقل من قرن بالإضافة إلى ذلك، لقد أبرمنا بعض الاتفاقيات السرية مع الحكومة الإيرانية ووضعنا في هاتين الدولتين رجال دولة صنعناهم عمال بناء. مثلت الفساد مثل الرشوة والإدارة غير الكفؤة والتعليم الديني غير الكافي، والتي أدت بدورها إلى الانشغال بالنساء الجميلات وبالتالي إهمال الواجب ، الركائز الأساسية في هذين البلدين على الرغم من كل هذه الأمور، كنا قلقين ألا تؤدي أنشطتنا إلى النتائج التي توقعناها، لأسباب منها: المسلمون مخلصون للغاية للإسلام فكل فرد مسلم يرتبط بقوة بالإسلام ويفضلون الموت بدلاً من التخلي عن الإسلام وثانياً: الإسلام كان ذات يوم دين الإدارة والسلطة وكان المسلمون محترمين سيكون من الصعب إخبار هؤلاء الأشخاص المحترمين بأنهم عبيد الآن للإمبراطورية البريطانية ولن يكون من الممكن تزوير التاريخ الإسلامي والقول للمسلمين: إن الشرف والاحترام اللذين حصلت عليهما في وقت واحد كان نتيجة لبعض الظروف (المواتية) والتي ولت ولن تعود أبدًا وثالثاً: كنا قلقين جدًا من أن العثمانيين والإيرانيين قد يلاحظون مؤامراتنا ويحبطونها على الرغم من حقيقة أن هاتين الدولتين قد تم إضعافهما بالفعل إلى حد كبير، إلا أننا ما زلنا غير متأكدين من أنه كان لديهما حكومة مركزية تمتلك الممتلكات والسلاح والسلطة ورابعاً: كنا قلقين للغاية من العلماء الذين المسلمين كان العلماء العراقيون والدمشقيون عقبات لا يمكن التغلب عليها أمام أهدافنا لأنهم كانوا نوعًا من الناس الذين لم يضروا بمبادئهم أبداً إلى الحد الأدنى لأنهم انقلبوا على الملذات والزينة العابرة في العالم وركزوا أعينهم على الجنة التي وعد بها القرآن الكريم يتبعهم الناس حتى السلطان كان يخاف منهم، لذلك أعددنا سلسلة من المؤتمرات من اجل ضمان مشروعنا في الشرق الأوسط، لكن في كل مرة حاولنا فيها رأينا خيبة أمل لان الطريق كان مغلقًا بالنسبة لنا.. لقد كانت التقارير التي تلقيناها من جواسيسنا مخيبة للآمال دائمًا، ولم تفلح المؤتمرات ومع ذلك لم نتخل عن الأمل  لأننا من النوع الذي نتحلى بالصبر وطول النفس في مهماتنا دائما.
  يتبع

أخبار الجبهات

وسيبقى نبض قلبي يمنيا
لن ترى الدنيا على أرضي وصيا