كتابات | آراء

رؤى تربوية..!!

رؤى تربوية..!!

التعليم هو بمثابة العمود الفقري في العملية التنموية والاقتصادية، ولن تقوم قائمة لنهضة الشعوب والأمم إلاَّ بالتعليم،

وإذا أردنا فعلاً رفع مستوى التعليم لابد من إقامة مراكز البحوث التربوية المتخصصة، والاهتمام بكليات التربية، ومعاهد المعلمين، وتوفير الميزانية اللازمة لها..
من البديهيات أن الدولة هي المسؤولة عن خطط وبرامج التعليم، وفق رؤى فلسفية، وسياسية، واقتصادية، وتنموية محددة.. مع مراعاة متطلبات واحتياجات التنمية والمواطنين.
فالاهتمام بكافة الاختصاصيين في جميع المجالات العلمية المحضة، والتطبيقية، والآداب والفنون، والعلوم الإنسانية، وبصورة خاصة الكوادر التربوية إعداداً مهنياً وتربوياً وعلمياً.. لأنهم بمثابة العمود الفقري في العملية التعليمية التربوية، بل في عملية بناء الدولة التنموي والاقتصادي والثقافي، والحضاري والتكنولوجي..
وحينئذ يكون من حق الدولة وواجبها أن تبدأ بإصلاح التعليم من الأساس، وأهم عناصره، المعلم، المتعلم، المناهج، ثم الإدارة المدرسية، ثم البيئة المدرسية، دون ذلك سنظل ندور في حلقات مفرغة..
ولكي تكتمل عناصر العملية التعليمية بالحياة العامة لابد من ربط المناهج الدراسية بالبيئة والمتطلبات الحياتية والاجتماعية، والعملية، والاهتمام بالعلوم التطبيقية والإنسانية على حد سواء.. ولكن في ظل التدهور السياسي وعدم الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي تطفو مظاهر الضعف العلمي والثقافي والأخلاقي، وتتفشى ظاهرة الأمية الثقافية والفكرية بين النخب المسؤولة، وتنتشر بين معظم فئات المجتمع.. وهنا تكمن الكارثة..
نحن لا ننكر أن هناك مخرجات تعليمية هشة، أياً كانت درجة مؤهلاتها العلمية.. لا تفرق بين الضاد والظاء.. ويقعون في أخطاء إملائية فجة.. ناهيك عن الأخطاء النحوية والصرفية.. هل هذه الأخطاء ناتجة عن المناهج الدراسية، أو عن طرائق التدريس، أو عن إعداد المعلمين والكوادر التربوية الهشة..؟!
لذا لابد من معرفة الداء.. وتحديد موضع الخلل والعلل أولاً... ثم على ضوء ذلك يتم تشخيص الداء، ووصف الدواء..
إنَّ مسألة إصلاح التعليم تحتاج إلى سنوات طوال، خاصة في ظل الأوضاع المأساوية الراهنة التي فرضتها الحرب العدوانية الغاشمة على بلادنا.. ولكن لابد أن نركز في المقام الأول: على إعداد المعلم مهنياً وعلمياً وتربوياً، وتحسين أوضاعه الحياتية والمعيشية حتى يُعطي عطاء ثراً..لأنه هو الأساس ومحور الارتكاز في العملية التعليمية وفي تحسين جودة التعليم في المستقبل..
إن مسألة انتقاء والتوجيه والمتابعة مرتبطة برفع مستوى التعليم.. وهذا كله مرتبط بقدرات وعطاء الكوادر التربوية المؤهلة، وبقدر العطاء يكون الإبداع والتميز..
علينا وعلى جهات الاختصاص تهيئة الظروف والأجواء المناسبة لتعليم مثمر.. ومخرجات قادرة على العطاء والإبداع.. وهذا لن يتحقق إلاَّ بتوفير مناهج تواكب روح العصر، ومتطلبات الواقع الراهن ثقافياً وحضارياً وعلمياً وتكنولوجياً..فالمدرسة الحديثة تلتزم بتوفير المعرفة المتزايدة، والمعلومة الصائبة، مع التطبيق العملي والسلوكي، والتربوي وربطه مع البيئة الاجتماعية والطبيعية.. وأن يكون مرتبطاً ارتباطاً وثيقاً بتراثنا الثقافي والحضاري، والعقدي حتى يكون ملبياً لحاجاتنا ومتطلباتنا حاضراً ومستقبلاً.. مع الاهتمام بإعداد المتعلم وطنياً وروحياً، وغرس روح الإيمان العميق بالعدالة الاجتماعية، القائمة على أسس القيم والمبادئ والأخلاق المستمدة من عقيدتنا الإسلامية الغراء..
من نافلة القول: أن نشير هنا إلى أهمية التراث الثقافي والحضاري والقومي ومكانته السامقة في التعليم.. فكثير من الدول المتقدمة يعطون أهمية قصوى لهذا الجانب لما له من تأثير مباشر في النمو الجمالي والفني والخيالي والسيكولوجي على نفسية المتعلم.. وبما يحققه من نمو ذاتي وفكري وسلوكي.. إضافة إلى الفعاليات المدرسية، والأنشطة اللاصفية، ولكن كلما تركزت هذه الفعاليات خارج غرفة الصف الدراسي ازدادت غنى وثراء، حتى نربط المتعلم بالبيئة ومقوماتها الثقافية والتراثية والحضارية.. وهذا ما ينبغي ان نسعى إليه..
كلنا يدرك أن المدرسة ما زالت هي موئل العلم والمعرفة، والتربية.. عندما أقول المدرسة: أعني المؤسسة التربوية الحديثة التي تُعنى بالعلوم الحديثة، والمناهج المتطورة، وطرائق التعليم الحديثة، والكوادر المؤهلة تأهيلاً عالياً.. لابد أن نؤمن إيماناً جازماً أن التعليم هو أغلى وأثمن رأس مال في هذا الوجود.. ومستحيل أن تكون هناك حضارة ثقافية أو علمية أو تكنولوجية بدونه.. وعلى ضوء ذلك لابد أن نهتم بإعداد المعلم إعداداً مهنياً وعلمياً وتربوياً وسيكولوجياً إذا كنا جادين فعلاً بتحسين جودة التعليم.. دون ذك سنظل نتخبط في البيداء كالناقة العشواء.. ولا نصل في آخر المطاف إلاَّ على تدجيل وتزييف وخرافات. وهذا ما نخشاه في قادم الأيام على أجيالنا..

•كلمات مضيئة:
عندما قال أفلاطون:"الفضيلة هي المعرفة"، ظن بعض الناس أن معرفة الفضيلة هي الفضيلة.. ونسوا أو تناسوا أن حقيقة المعرفة هي الممارسة.. كالذي يقول شرب الخمر حرام ويشربها.. ولو أدرك حرمة هذا الشيء لما فعله..
كلنا يدرك أن نعمة العقل والإدراك والفهم خص بها الله البشر دون المخلوقات الأخرى تكريماً وتشريفاً لهم.. فمشكلة الأمة اليوم مشكلة أخلاقية، إذا صلحت أخلاق الأمة، صلح الاقتصاد، والتعليم والصحة وكل شيء.. ولكن للأسف الشديد ما زالت أخلاق الأمة دون المستوى الذي ينبغي أن تكون عليه من الرفعة والسمو والعلو..
فرسالة الإسلام العظيمة التي اصطفى الله بها البشرية جمعاء، أبيضهم وأسودهم، شرقيهم وغربيهم.. رسالة إنسانية لكل شعوب العالم لا تفاضل.. ولا تمييز بين الناس إلاَّ بالتقوى والعمل الصالح.. ولن تستقيم أمور البشرية إلاَّ بصحة الأجسام، وصحة النفوس، وصحة الضمائر.. فالذي لا يعمل لا يمكن أن يكون سعيداً.. كذلك الذي يقوم بعمل لا يحبه لا يمكن أن يكون سعيداً..
لذا علينا أن نجعل الإيمان بالله مثلاً أعلى نتطلع إليه ونتقرب منه.. والإيمان بالوطن نخدمه بأغلى ما نملك، ونعمل على رفعته، ونهوضه ورقيه وتقدمه.. بعيداً عن مغريات الحياة الزائفة والزائلة.. فالأوطان لا تُبنى إلاّ بعقول أبنائها النيرة..!!

أخبار الجبهات

وسيبقى نبض قلبي يمنيا
لن ترى الدنيا على أرضي وصيا