كتابات | آراء

بوح اليراع: تفجر مسلسل الأزمات بين السعودية والإمارات

بوح اليراع: تفجر مسلسل الأزمات بين السعودية والإمارات

منذُ إعلان تأسيس دويلة "الإمارات" وهي ترتبط بشقيقتها الكبرى وقدوتها في موالاة اليهود والنصارى المملكة السعودية بروابط وجودية،

إذ لم نعهدها إلا مؤتمرةً بأمرها ومقتفيةً أثرها، ففي الوقت الذي كانت السعودية -ولم تزل- تسعى لوأد حركات التحرر العربية والإسلامية أولاً بأول بسبب توهمها أن نجاح تلك الحركات خطر محتمل، كانت الإمارات -وما زالت- تقحم نفسها معها في ما "ليس لها فيه ناقةٌ ولا جمل".
ولم تخرج الإمارات من تحت عباءة السعودية وما كانت لتستطيع إلاَّ في الآونة الأخيرة بعد أن سبقتها في تحقيق حلم "التطبيع" مع الكيان الصهيوني الذي يؤكد -لا محالة- أنها باتت ندًّا لها في العمالة للأنظمة الصليبية وأكثر مجاهرة منها بالتفريط بالقضايا العربية.

وضع محتقن وتأزم غير معلن
منذ بدء هبوب رياح الربيع العربي الذي تولى النظامان كلاهما مسؤولية إجهاضه ووأده في مهده، بدأ النظام السعودي يلاحظ أن حليفه الإماراتي لم يعد يقبل بالاكتفاء -أثناء خوضهما ذلك المعمعان- بدور هامشي كما كان، بل كان ينازع النظام السعودي دوره الريادي قدر الإمكان.
فبالرغم من تفردهمها -على سبيل الحصر- في إجهاض الربيع العربي في "مصر"، فإن الإمارات تجني ثمار تدخلها من خلال ما باشرته من استثمارات تساعد على توسع نفوذها السياسي إلى مستوى قياسي، وبالرغم من تمويلهما -بنسب متساوية من الأموال- مشروع إجهاض ربيع "ليبيا" -على سبيل المثال-، فإن أصداء تدخل الإمارات وكثرة تردد اسمها -مقارنة بـ"أختها" أو "ابنة عمِّها"- قد أعطاها حجمٌا أكبر من حجمها، وبالرغم ممَّا هو معلن عن قيادة السعودية ما سمي "التحالف العربي" للتدخل في اليمن، فإن النظام الإماراتي يتفنن في خلق واقع سياسي يسهم في إذكاء جذوة الصراع بين القوى المتصارعة، ويخلق واقعًا أمنيًّا هشًّا يخدم أهدافه ويلبي مطامعه، محوِّلا السعودية -لعدة سنوات متتابعة- من متبوعة إلى تابعة.
أما الكاتب العربي الفلسطيني المعروف "عبدالباري عطوان" فيرجع بدء احتقان الأوضاع بينهما وبدء تأزُّم العلاقات إلى ما قبل ثلاث سنوات أو أكثر، ولم يفتأ -بسبب الخلاف النفطي المتأخر- أن يتفجَّر.

خروج تأزم العلاقات المتفجرة عن السيطرة
كل نتائج التحالف السعودي الإمارات لقمع إرادة الشعوب تعكس حقيقة أن السعودية التي كانت تظن أنها العضو الأهم شريك في المغرم محروم من المغنم، وكل ما طمحت إلى تعديل كفة الميزان رأت أن رجحان الكفة لصالح حليفتها الإمارات أخذ في التقدُّم، فأفضى هذا الاختلال البين بين من يمكن نعتبرهما مجازًا "البنت والأم" إلى ما نراه اليوم من تأزُّم تجاوز -في حدته التي توشك أن تفضي إلى حالةٍ متقدمة من الصدام- أروقة الدبلوماسية إلى التراشق في وسائل الإعلام.

الأسباب الكامنة وراء الأزمة الساخنة
إن من الأمور المدركة أن العلاقات بين الدول تقوم على المصالح المشتركة، وقد يترتب على إخلال أحد الأطراف بالتزاماته تجاه شريكه حدوث أزمة سياسية وربما نشوب معركة، وكان لا بدَّ -في ظل ما يعتري علاقة السعودية والإمارات من خلل- أن يكلل ذلك التأريخ التخريبي والعمالي المشترك بمسلسل من الأزمات التي تُعزى إلى ما هو آت من المسببات:
1 - التحاسُد الاقتصادي: فبالرغم من عوائد السعودية النفطية الهائلة وبالرغم ممَّا كانت تدرُّه عليها شعيرتا "الحج والعمرة" من مبالغ مالية طائلة، فإن عائدات ميناء جبل علي والمناطق الحرة والمكاتب الاستثمارية والانفتاح اللاأخلاقي في إمارتي "أبوظبي ودبي" جعل لعاب النظام السعودي يسيل منذ وقت طويل، ودفع بالأمير السعودي السفيه إلى استبدال "هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر" بـ"هيئة الترفيهية"، وحين رأى أن ذلك الانفتاح لا يكفيه، لجأ نظام مملكته ذي التأريخ العمالي إلى ما يلي:
- حضر السفر إلى الإمارات علمًا أن نفقات السُّيَّاح السعوديين إلى "دبي" هي الأعلى بين نفقات كافة الجنسيات.
- فرض رسوم جمركية وقيود صارمة على الواردات القادمة إلى المملكة عن طريق منافذ الإمارات لا سيما القادمة عبرها من الدولة الصهيونية، ومن شأن ذلك تعريض الإمارات لخسائر جنونية.
- توجيه إنذار للمكاتب الاستثمارية المتخذة من "دبي" مقرًّا لها بالانتقال -في غضون شهور- إلى "الرياض" حفاظًا على ما تجنيه من المملكة من أرباح، ومن شأن انتقالها تحويل "دبي" إلى "مدينة أشباح".
2 - شعور السعودية بانتهازية إماراتية: فمع أن السعودية تتحركان للتدخل في شؤون البلدان معًا، فإن الإمارات غالبًا ما تقتنص المكاسب بينما تلتصق بالسعودية التبعات والمثالب، ففي الوقت الذي عاد تدخل كلا القطرين في شأن "اليمن" على "الإمارات" بالتغوُّل والسيطرة على أكبر حيِّز جغرافي ممكن وبنفوذ سياسي سيحمي مصالحها ردحًا من الزمن، في حين لم تستطع السعودية إحكام سيطرتها على منفذ "شِحِن" في مقابل ما تضمره لها صدور عشرات الملايين من الضغائن والإحن.
3 - التنافس على الارتهان للصهاينة والأمريكان: إذ من المحتمل جدًّا جدًّا أن فرض الرياض أعلى رسوم جمركية على المنتجات الصهيونية القادمة عبر المنافذ الإماراتية يهدف إلى استيرادها من دولة الكيان -وإن بوسائل التوائية- بصورة مباشرة وذاتية.
كما أن من المحزن أن كلا البلدين يبالغان في بناء مخازنهما من أسلحة الأنظمة الغربية لا سيما الإدارة الأمريكية التي تدير اللعبة بينهما اللعبة العبثية بصورة ذكية وبما يجعلهما يحاولان التفوق على بعضهما  بغية الوصول المذعن إلى أروقة السلطة في واشنطن.

أخبار الجبهات

وسيبقى نبض قلبي يمنيا
لن ترى الدنيا على أرضي وصيا