كتابات | آراء

حديث الإثنين: شخصنة الديمقراطية لخدمة الأحزاب

حديث الإثنين: شخصنة الديمقراطية لخدمة الأحزاب

تابعت باهتمام تعليقات إخواننا في جنوب اليمن المحتل حول يوم 7يوليو 1994 م والذي حلت ذكراه يوم الأربعاء الماضي وكيف كانت التناقضات في تناولاتهم

إزاء ما حدث بقيادة العميد عبد ربه منصور هادي وزير الدفاع آنذاك والجنرال علي محسن صالح قائد الجناح العسكري للإخوان المسلمين في اليمن وما كان يعرف بجماعة الزمرة الجناح المنشق من الحزب الإشتراكي اليمني عقب أحداث 13 يناير عام 1986 م في عدن وكذلك عناصر تنظيم القاعدة  الذين تم استقدامهم من أفغانستان حيث شكلوا حلفا واحدا لاقتحام مدينة عدن وهو ما أعتبره الإخوة في الجنوب احتلالا وفرض الوحدة بالقوة معتبرين من ذكرناهم قادة احتلال ولا يمكن القبول بما قاموا به للمحافظة على الوحدة بقوة السلاح ، الى هنا والكلام يكاد يكون معقولا ونعذرهم في تفسيراتهم لتلك الحرب المشؤومة التي مايزال كل اليمنيين يعيشون تداعياتها إلى اليوم ولم يكن لأي طرف شعبي مصلحة فيها سوى الأطراف المختلفة سياسيا والمتصارعة على جلد الدب قبل صيده ، لكن الشيء الغريب والعجيب والذي لايمكن هضمه هو إلتفاف أبناء الجنوب اليوم حول من كانوا يعتقدون أنهم قادة محتلين للجنوب وأنهم سبب ما ترتب على حربهم من مشاكل أنهت وضع الوحدة السلمية التي تحققت في 22 مايو عام 1990 م وفي مقدمتهم عبدربه منصور هادي وعلي محسن صالح وقادة حزب الإصلاح معتبرينهم القادة المحررين للمحافظات الجنوبية تحت قيادة السعودية والإمارات وأمريكا التي تحتلهم غير مدركين أن الوحدة اليمنية  عقد أبرم بين شعب جزأه الاستعمار لايمكن أن تنفرط عراه وستظل صامدة أمام كل الأعاصير التي تواجهها من هنا وهناك لأنها في الأساس وحدة شعبية وليست وحدة تحققت نتيجة لإرادة فوقية يتم المتاجرة بها سياسيا أو بين نظامين فتنتهي بمجرد زوال مصالحهما .
 وعليه لا بد أن نعود الى الوراء قليلا ونذكر بأن الفرصة التي أتيحت لليمنيين بعد إعادة تحقيق الوحدة كانت كفيلة بأن تجعل الشعب اليمني يحكم نفسه بنفسه لو أنها أستغلت الاستغلال الأمثل بعيدا عن التشنج والإنفعالات ولجعلتهم يحققون  مكاسب كبيرة تسير باليمن نحو اللحاق بمسيرة الركب الحضاري والخروج من تلك الحلقة المفرغة التي تحشر بعض الشعوب نفسها فيها وخاصة في دول العالم الثالث واليمن جزء منها وهو الأمر الذي يجعل الدول الكبرى تتحكم في مصائرها بحجج وذرائع واهية فتصبح مقدراتها رهنا للغير، لأنها لا تمتلك السيادة الوطنية للتحكم في قراراها السياسي ، وهو وضع مرت به اليمن جنوبا وشمالا قبل إعادة تحقيق الوحدة وبعدها  وما يحدث اليوم من عدوان كوني على اليمن تشارك فيه دول كبرى ما هوإلا نتيجة أن أبناء اليمن قد أفاقوا من غيبوبتهم وأعلنوها ثورة تحررية ضد الهيمنة الخارجية .
هذا في غالب الأحوال يحدث عندما تكون الشعوب في واد وقياداتها في واد آخر ، ومن هنا يتضح أن المشاركة الفاعلة أثناء ممارسة المواطن في أي شعب من الشعوب لحقه الدستوري والقانوني لا سيما فيما يتعلق بانتخاب من يمثله في الحكم عبر صناديق الإقتراع في عملية تنافسية جادة ونزيهة من خلالها يمكن للقيادة والشعب أن يسيرا في إتجاه واحد وتسخر كل الجهود لخدمة القضايا الوطنية وتحقيق المزيد من المكاسب والإنجازات وإعلاء شأن الوطن بين الأمم ، إضافة إلى ترسيخ قواعد المشاركة الشعبية وتوثيق الإيمان بالحرية والديمقراطية ، وإن كان مثل هذا التوجه يتطلب بذل جهود كبيرة من كافة السلطات والجهات والمؤسسات داخل أجهزة الدولة وخارجها حتى تكون العملية تكاملية تصب في النهاية في خدمة المصلحة الوطنية العليا ، وبما أننا في اليمن قد مررنا بهذه المرحلة وأتيحت لنا الكثير من الفرص إلا انها للأسف الشديد استغلت لخدمة مصالح الأحزاب والتنظيمات السياسية ولتغذية الخلافات الشخصية على مصلحة الشعب والوطن فخسرنا الكثير ودفعنا الثمن غاليا .
ولو كانت النخب الحاكمة والتي كانت ومازالت الى اليوم متمترسة خلف أحزابها ومرتبطة بالخارج تأكيدا لقول القاضي الإرياني رحمه الله أن الأحزاب تبدأ بالتأثر وتنتهي بالعمالة  أدركت أن الديمقراطية ممارسة وليست شعارا عاما لكانت قدمت للشعب والوطن الشيء الكثير كما يحدث في الدول المتقدمة علميا وفي وعيها الوطني حيث الشعوب فيها تحرص دائما على إن تبقى الديمقراطية وممارستها عمليا على أرض الواقع مرهونة بالسلوك الحضاري للمواطن فيها وهذا سر تفوق وتقدم تلك الشعوب التي سبقتنا في هذا المجال ، إن الإحتكام للدستور والقانون  يعد خطوة إيجابية فاعلة نحو تطوير الممارسة الديمقراطية وإحلال المفاهيم  الراقية محل الموروثات التي عفى عليها الزمن ، لكن مع الأسف الشديد فقد أصبحت نظرة الإحباط وعدم التفاؤل هي الروح السائدة لدى الكثير من القوى السياسية في اليمن وخاصة في صفوف من تعتبر نفسها قوى معارضة يفترض فيها أن تكون البديل في حال فشل الجانب الرسمي في تحقيق مصالح الشعب وخدمته وأن تشكل حكومة الظل لتبصير الحكومة القائمة بأخطائها لا أن تستغل الأخطاء وتستغل حرية الرأي والتعبير لتجعل منها معولا للهدم والتشكيك في كل شيء ومثل هذا التوجه الخاطئ ليس تقييما عادلا للأوضاع بقدر ما يمثل محاولة لحجب الحقائق عن الشعب وفي نفس الوقت لا يخدم سلوك المعارضة نفسها لكسب ثقة المواطنيين والوقوف الى صفها ، وإذا ما ظلت حالة الفعل وردة الفعل من الإتهامات المتبادلة هي السائدة فإن ذلك سوف ينعكس سلبا على حياة المواطن نفسه ويضيع الوقت دون استغلاله وتسخيره لمعالجة القضايا ذات الأولوية والإهتمام بها خاصة في ظل الوضع الراهن والإستثنائي جدا الذي يعاني فيه الشعب اليمني من العدوان والحصار للعام السابع على التوالي .

أخبار الجبهات

وسيبقى نبض قلبي يمنيا
لن ترى الدنيا على أرضي وصيا