كتابات | آراء

الجاسوس البريطاني في الشرق الاوسط : كنا نعمل على تفريق المسلمين (4)

الجاسوس البريطاني في الشرق الاوسط : كنا نعمل على تفريق المسلمين (4)

في عام 1122 هـ - 1710 م  أرسلني وزير المستعمرات إلى مصر والعراق والحجاز واسطنبول للعمل كجاسوس والحصول على المعلومات الضرورية

والكافية لتفريق المسلمين عيّنت الوزارة تسعة أشخاص آخرين مليئين بالمرونة والشجاعة للقيام بنفس المهمة وفي الوقت نفسه بالإضافة إلى الأموال والمعلومات والخرائط التي نحتاجها تم تزويدنا بقائمة تحتوي على أسماء رجال الدولة والعلماء وزعماء القبائل لا أستطيع أن أنسى أبدا عندما قلت وداعًا للوزير قال : "مستقبل دولتنا يعتمد على نجاحك لذلك يجب عليك بذل أقصى طاقاتك" انطلقت في رحلة إلى إسطنبول مركز الخلافة الإسلامية آنذاك إلى جانب واجبي الأساسي كنت أتعلم اللغة التركية جيدًا اللغة الأم للمسلمين الموجودين هناك لقد تعلمت بالفعل في لندن قدرا كبيرا من التركية والعربية (لغة القرآن) والفارسية اللغة الإيرانية ومع ذلك  كان تعلم اللغة مختلفًا تمامًا عن التحدث بتلك اللغة مثل متحدثيها الأصليين في حين أنه يمكن اكتساب المهارة السابقة في غضون بضع سنوات  إلا أن هذه المهارة تتطلب مدة زمنية عدة مرات كان عليّ أن أتعلم اللغة التركية بكل تفاصيلها خشية أن يشتبهني الناس لم أكن قلقا من أن المسلمين الذين يمكن ان  يشكوا بي فهم متسامحون ومنفتحون وخيرون كما تعلموا من نبيهم محمد 'صلى الله عليه وسلم انهم ليسوا متشككين مثلنا وأيضا يوجد سبب آخر مهم انه في ذلك الوقت لم يكن لدى الحكومة التركية منظمة لاعتقال الجواسيس.
بعد رحلة شاقة للغاية وصلت إلى اسطنبول  وسميت نفسي محمد وبدأت في الذهاب إلى المسجد  معبد المسلمين أحببت الطريقة التي يتميز بها المسلمون الانضباط والنظافة والطاعة في فروض الصلاة  للحظة قلت لنفسي: لماذا نقاتل هؤلاء الأبرياء هل هذا ما نصحنا به ربنا المسيح لكنني تعافيت في الحال من هذا الفكر الشيطاني وقررت القيام بواجبي بأفضل طريقة في اسطنبول  قابلت باحثًا قديمًا يدعى "أحمد أفندي" من خلال أخلاقه الحميدة والحنان الروحي والإحسان لم يكن أي من رجالنا الدينيين الذين رأيتهم يشبهونه  كنت محظوظًا للغاية لأنه لم يسأل حتى من أنا أو من أين أتيت كان يخاطبني باسم "محمد أفندي" لقد اعتبرني ضيفًا جاء إلى اسطنبول للعمل في تركيا وللعيش في ظل خليفة في الواقع  كانت هذه ذريعة اعتدت علي استخدامها للبقاء في اسطنبول، في احد الأيام قلت لأحمد أفندي: "لقد مات والداي وليس لدي أي إخوة أو أخوات  ولم أرث أي ممتلكات لقد جئت إلى مركز الإسلام لأعمل من أجل لقمة العيش وتعلم القرآن الكريم  ومن اجل كسب كل احتياجاتي الدنيوية وحياتي في الآخرة لقد كان سعيدًا جدًا بكلماتي هذه  وقال: "أنت تستحق أن تُحترم لهذه الأسباب الثلاثة" أنا أكتب بالضبط ما قاله أولا أنت مسلم وكل المسلمين إخوة ، ثانيا أنت ضيفي وقد أوصانا الرسول عليه الصلاة والسلام أن نكرم ضيوفنا، ثالثا أنت تريد العمل  وهناك حديث شريف يقول إن الشخص الذي يعمل هو الحبيب إلى الله، هذه الكلمات سرتني كثيرا فقلت لنفسي هل هناك مثل هذه الحقائق المشرقة في المسيحية  ونحن لا نعلم عنها أو أخفيت عنا، ما أدهشني هو حقيقة أن الإسلام دين نبيل  وأنه يتدهور ويتعمد تشويهه على أيدي بعض الناس المغرورين الطامحين لأمجاد شخصية وقد ملء قلوبهم الطمع .
عندما انتهت فترة إقامتي لمدة عامين في اسطنبول  أخبرت "أحمد أفندي" أنني أردت العودة إلى الوطن قال: لا لا تذهب لماذا تذهب؟ يمكنك أن تجد أي شيء قد تبحث عنه في اسطنبول أنت تقول ذلك لقد مات والداك وليس لديك أي إخوة أو أخوات  فلماذا لا تستقر في اسطنبول؟ أحمد أفندي" تعود كثيرا على رفقتي لهذا السبب لم يكن يريدني أن أغادر وأصر على وجوب جعل وطني في اسطنبول لكن إحساسي الوطني بالواجب أجبرني على العودة إلى لندن  لتقديم تقرير مفصل بشأن مركز الخلافة  وأخذ أوامر جديدة ، كان زملائي قد عادوا إلى لندن قبلي وقد تلقوا بالفعل أوامر جديدة من الوزارة وأنا أيضًا أعطيت أوامر جديدة عند العودة ولسوء الحظ فقد عاد ستة منا فقط  من أصل عشرة أشخاص بعثوا لبلدان مختلفة  وقال الوزير إن أحد الأشخاص الأربعة الآخرين أصبح مسلماً وبقي في مصر ورغم ذلك كان الوزير سعيدًا لأنه الشخص الذي بقي في مصر ولم يخن أي أسرار والثاني ذهب إلى روسيا وبقي هناك وهو في الأصل روسيا وكان السكرتير شديد الأسف بشأنه  ليس لأنه عاد إلى وطنه ولكن لأنه ربما كان يتجسس في وزارة المستعمرات لصالح روسيا وعاد إلى بلاده بسبب انتهاء مهمته أما الثالث  كما ذكر الوزير  فقد توفي بسبب الطاعون في بلدة تدعى "عمارة" في العراق وتم تتبع الشخص الرابع من قبل الوزارة حتى مدينة صنعاء في اليمن وتلقوا تقاريره لمدة عام  وبعد ذلك انتهت تقاريره ولم يتم العثور على أي أثر له على الرغم من كل الأنواع من الجهود التي بذلت للبحث عنه واعتبرت الوزارة اختفاء هؤلاء الرجال الأربعة كارثة لأننا أمة ذات واجبات كبيرة مقابل عدد قليل من السكان، لذلك نقوم بحسابات جيدة على كل رجل عقدت الوزارة اجتماعًا للتدقيق في التقارير المقدمة من أربعة منا عندما أرسل أصدقائي تقاريرهم المتعلقة بمهامهم  أنا أيضًا  قدمت تقريري، أخذوا بعض الملاحظات من تقريري ولقد أشاد الوزير والأمين وبعض الذين حضروا الاجتماع بعملي ومع ذلك كنت ثالث أفضل شخص من حيث فائدة التقارير وقد فاز صديقي ”جورج بيلكود“  بالمركز الأول  و"هنري فانس" كان تقريره ثاني أفضل التقارير كنت بلا شك ناجحا بشكل كبير في تعلم اللغات التركية والعربية والقرآن والشريعة ومع ذلك  لم أتمكن من إعداد تقرير للوزارة يكشف الجوانب الضعيفة للإمبراطورية العثمانية ، بعد الاجتماع الذي استمر ساعتين  سألني الوزير عن سبب فشلي. قلت  كان من واجبي الأساسي تعلم اللغات والقرآن والشريعة ولم استطع توفير وقت لأي شيء ولكن أعدك بأني سأرضيك في المرة القادمة إذا كنت تثق بي قال الوزير إنني كنت ناجحًا بالتأكيد ولكنه تمنى لو أنني ربحت الصف الأول وقال مهمتك القادمة تتلخص في نقطتين مهمتين ياهيمبر أولها اكتشاف نقاط ضعف المسلمين والنقاط التي يمكننا من خلالها التغلغل إلى نفوسهم والسيطرة عليهم هذه هي الطريقة للتغلب على العدو ثانيا في اللحظة التي تكتشف فيها هذه النقاط وفعلت ما أخبرتك به وبعبارة أخرى عندما تتمكن من بث الخلاف بين المسلمين ووضعهم في شجار مع بعضهم البعض] ستكون أنت الجاسوس الأكثر نجاحًا وستكسب ميدالية من الوزارة .
.......... يتبع

أخبار الجبهات

وسيبقى نبض قلبي يمنيا
لن ترى الدنيا على أرضي وصيا