كتابات | آراء

الخدعة الكبرى

الخدعة الكبرى

منذ تأسيس هيئة الأمم المتحدة وما نتج عنها من تشكيل منظمات ووكالات ومؤسسات دولية تعني بالحقوق والحريات والأمن والاستقرار، والعالم (أقصد بذلك الشعوب) يعيش خديعة كبرى لم ينتبه لها إلا في السنوات الأخيرة،

وأعتقد أنها بدأت تسقط أقنعة الزيف الكاذبة التي تقنعت بها أنظمة الدول الكبرى دول الديمقراطية والتقدم الحضاري مع بداية الحرب بين روسيا وأوكرانيا، فبذلك وقف الكثير من المتابعين والمتأملين الى تصرف هيئة الأمم المتحدة وخاصة مجلس الأمن الدولي حينما بدأت تتصادم المصالح بين الدول المؤثرة فيه وذلك الإختلاف كان أول ثمرة لإبراز الحقيقة، حقيقة مبادئ العدالة والديمقراطية التي من أجلها وضع الغربيون والأمريكيون القوانين وأنشأوا المحاكم والهيئات التي ترعاها وتنفذها وتعمل على تعميمها على مختلف الدول والشعوب.
فعلى ضوء موقف الولايات المتحدة ودول أوروبا الحاسم ضد (روسيا) بإعتبارها اعتدت على جارتها (أوكرانيا) ذات السيادة بدون وجه حق وإن ذلك يخالف القوانين الدولية بدأت مراجعة الأحداث لدى المتأملين والمتابعين وبدأت التساؤلات عن غزو أمريكا لأفغانستان والعراق وقبل ذلك فيتنام واستباحتها لسيادة الدول بدون تفويض من مجلس الأمن وعربدتها في كل مكان بالعالم،كيف يمكن توصيف ذلك لكن السقوط المريع لزيف ما يسمى بالقانون الإنساني الدولي الذي وضع قواعده الغربيون أنفسهم لضمان الحفاظ على الأمن والسلام الدوليين كان في السابع من أكتوبر حينما بدأت معركة طوفان الأقصى ضد الإحتلال الصهيوني في فلسطين فبعد أحداث هذا التاريخ لم تستطع أمريكا والدول الغربية المتشدقة برعاية وحماية الحقوق والحريات والمبادئ الإنسانية أن تستمر في إخفاء الوجه الحقيقي لها ،فمن أجل الحفاظ على إسرائيل وحمايتها والتغطية على جرائمها الوحشية ضد الأطفال والنساء والمدنيين في غزة وفلسطين أسقطت هذه الدول الكبرى أقنعتها وأتضح لمعظم الشعوب في العالم أن هذه الهيئات الدولية المعنية بحماية العدالة الإنسانية، وان المحاكم الدولية ومجلس الأمن والمنظمات ماهي إلا شماعة لتنفيذ سياسات هذه الدول وشرعنة ما تريده واستخدام القوانين الدولية والقرارات لما يخدم مصالحها وليس الأمر متعلق بمبادئ العدالة ولا بأخلاق التقدم والحضارة المزعومة.
وأني أجزم هنا أن تلك القوانين المتعلقة بالإنسانية التي وضعتها دول الغرب قد تم التشدق بها كثيرا لكن ضد الدول والشعوب العربية والإسلامية بشكل خاص للوصول الى أهداف استراتيجية مرسومة لهذه الدول، ولعل العدوان الحالي على بلادنا اليمن دليل على كيفية توظيف هذه القوانين، فالغرب يصف ما يحصل من منع السفن الإسرائيلية والمتجهة الى إسرائيل من الملاحة في البحرين الأحمر والعربي نصرة لغزة المظلومة يصفها بأنها أعمال غير شرعية وأنها انتهاك للقانون الدولي ولذلك جيش الجيوش وكون التحالفات للإعتداء على اليمن بينما ما يحصل من إنتهاك صارخ للإنسانية في فلسطين على يد المحتل الصهيوني على مرأى ومسمع العالم، قتل وتدمير ومجازر يومية وتجويع وحصار كل ذلك أمام الغرب وأمريكا ليس انتهاك للقانون الدولي الإنساني بل رغم كل الدلائل المجسدة للمجازر في حق الأطفال والنساء لم يكن لمحكمة العدل الدولية موقف إزاء ذلك لأنها لا تخضع لقوانين العدالة والإنصاف وإنما لإملاءات دول الهيمنة والاستكبار العالمي .فرغم ما يعانيه أطفال غزة من القتل والتجويع ورغم المجازر والمظالم في فلسطين إلا أن أعظم ما أنجزته هذه المظالم هو كشف الخديعة والزيف التي تسترت خلفه أنظمة الغرب وأمريكا، ولعل ذلك يعتبر انتصار للعقول ولكل أحرار العالم وأنصار العدالة المؤمنون حقيقة بها في مختلف أرجاء المعمورة، وستبدأ مرحلة الوعي بالتنامي حتى في الشعوب الغربية نفسها وهذا ما نلمسه يوميا من مواقف ضد أنظمة بلدانهم سواء في أمريكا او في دول أوروبا، والأهم بالنسبة لنا هو الوعي العربي والإسلامي بإعتباره ضحية الخديعة الكبرى المتمثلة بديمقراطية وعدالة الغرب وهيئاته الزائفة، واتخاذ مواقف مغايرة معادية سياسيا وفكريا لتلك الإدعاءات الكاذبة.

أخبار الجبهات

وسيبقى نبض قلبي يمنيا
لن ترى الدنيا على أرضي وصيا