كتابات | آراء

نتنياهو أسير سموتريتش وبن غفير

نتنياهو أسير سموتريتش وبن غفير

من الملاحظ أنَّ المدعو «بنيامين نتنياهو» هو المسؤول الصهيوني الأكثر تبوؤًا لمنصب رئاسة الوزراء، إلَّا أنَّ هوس التأبُّد في المنصب قد اضطره -هذه المرة- إلى التحالف -كما سنعرف- مع أحزاب دينية غايةٌ في العنصرية والتطرف، فإذا هو -في الأخير- أسير «سموتريتش» و«بن غفير».

النرجسية أهم مقوماته السياسية
لأنَّ الصهيوني «بنيامين نتنياهو» من أكثر الشخصيات السياسية نرجسية وتمحورًا حول الذات إلى درجة أنه لا يرى على وجه البسيطة -أو على الأقل في محيطه- شخصيةً أكمل من شخصيته ولا يرى رأيًا أكثر سدادًا من رأيه ولا فكرة أصوب من فكرته، بل إن نرجسيته بلغت به حدًّا يرى نفسه معه -دائمًا وأبدا- ذاتًا معصومةً من الوقوع في الخطإ، وأنَّ من واجب كل من حوله وكل من يعملون معه أو يعملون في نطاق مسؤوليته أن يدوروا في فكله وان ينصتوا لأقواله وأن يقتدوا بأفعاله وألَّا يشيروا عليه -حتى وإن كانوا مكلفين بوضع خطط استشارية من قِبَله- إلَّا بما ترسخَّ من الأفكار في وعيه أو خطر منها بباله، ولأنه -إلى حدِّ الآن- أول رئيس وزراء لـ«الكيان الصهيوني» يولد على الثرى الفلسطيني بعد عام من الإعلان عن قيام «دولة الكيان»، فلا يرى من المناسب له ولمجتمعه الذي لا يرى بين أبنائه من هو ندٌّ له إلَّا تبوئ أعلى المناصب السياسية في الدولة، وهذا ما يفسر لنا- بجلاء- إحرازه الرقم القياسي في إدمان تكرار شغل المنصب السياسي الذي ما يزال يشغله إلى الآن.

كثرة وتنوع وسائله الاحتيالية
ومن المعهود عنه لدى الخاصة والعامة على السواء أنه يلجأ -في سبيل تحقيق مآربه وغاياته وبلوغ آماله وطموحاته وإشباع رغباته ونزواته السلطوية- إلى ممارسة كل الوسائل والأساليب الاحتيالية والالتوائية التي تؤكد أنه شخصية انتهازية غير سوية، إذ لا يتورع عن إعطاء أو تقاضي الرشاوى ومد اليد -سواء بشكلٍ مؤقت أو بشكلٍ مستدام- إلى المال الحرام بما في ذلك المال العام، ولا يتورع كذلك عن الكذب والخداع والخيانة والغدر وخلف الوعود ونكث العهود والتضحية بالآخرين حتى ولو كانوا من أصدقائه المخلصين أو من أهله الأقربين على اعتبار أنَّ الغاية لديه تبرر الوسيلة.

جنوحه المجحف نحو العنف التطرف
يعتبر «نتنياهو» من أشدِّ المسؤولين الصهاينة عنصريةً وتطرفًا، الأمر الذي جعله عرضةً للانتقادات الإقليمية والدولية في آن، طيلة فترات رئاسته لحكومة «الكيان».
ففي ولايته الثانية شن عدوانيْن على قطاع غزة المحاصر؛ الأول استمر ثمانية أيام في عام 2012، والثاني استمر نحو خمسين يومًا خلال عام 2014، واستشهد فيه أكثر من ألفي مواطن فلسطيني، غالبيتهم من الأطفال والنساء.
وقد تميزت فترات رئاسته للحكومة المشجعة للسلوكيات المتطرفة بزيادة اقتحامات الصهاينة وانتهاكهم حرمات المسجد الأقصى، خاصة في الأعياد والمناسبات الدينية العبرية.
وفي عهده أيضًا، ارتفعت وتيرة الاغتيالات والاعتقالات في صفوف المقاومين الفلسطينيين، كما تزايدت نسب تهجير أصحاب الأرض الفلسطينيين من بيوتهم وأراضيهم، خاصة القريبة من المسجد الأقصى، بهدف الاستيلاء عليها، وبناء هيكل الصهاينة المزعوم.. وقد ساند هذا الـ«نتنياهو» -بشكلٍ كبير- عمليات الاستيطان الصهيوني على طول الغلاف الحدودي مع قطاع غزة والضفة الغربية، وأصبح من أكبر الداعمين لهذه العمليات، عبر مصادقته على كثير من القوانين والقرارات المشرعِنة لهذه المخالفات التي تقابل بالكثير من الانتقادات، خاصة من قبل الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد الأوروبي، أكبر الداعمين للكيان العبري.

بيبي أسير الائتلاف الحكومي الأخير
لعل محدودية مقاعد «الليكود» في الكنيست في انتخابات 2022 وعدم بلوغها النصاب المؤهل لتشكيل حكومي حزبي مستقل قد حملت «نتنياهو» المعروف بتطرفه على تشكيل حكومة ائتلافية ذات ملامح تطرفية ضمت في تشكيلتها الحاخام اليميني المتشدد «آفي ماعوز» رئيس حزب ”نوعم“ في منصب نائب وزير في ديوان رئيس الحكومة وأنيطت به مهمة الإشراف على تأليف المناهج التعليمية التي جذَّر فيها قيم التمييز والتطرف، والمتطرف «بستلئيل سموتريتش» الذي منح -بالإضافة إلى حقيبة المالية- صلاحية نسبية في حقيبة الدفاع، فاستخدم نفوذه في الوزارتين في تسريع وتيرة الاستيطان وتعزيز وجود المستوطنين، ومن رموز هذه الحكومة المتطرف «إيتمار بن غفير» الذي أسندت له حقيبة الأمن القومي التي سخر إمكاناتها للتنكيل بالفلسطينيين في الداخل الإسرائيلي وفي الضفة الغربية والقدس المحتلين بشكلٍ يومي، فضلًا عن أنَّ الأخيرين يهددان «نتنياهو» -بشكلٍ يومي- بالانسحاب من الائتلاف الحكومي في حال توصَّل مع حركة «حماس» إلى الصفقة التي نصَّ عليها مقترح «نتنياهو-بايدن» أو أيَّة صفقة أخرى قد تفضي إلى وقف إطلاق النار وتبادل الأسرى، ومن شأن انسحابهما من ذلك الائتلاف سقوط الحكومة ومثوله أمام القضاء للمحاكمة عن كل ما ينسب إليه من تهمه، فلا يسع «نتنياهو» -لكي يتفادى انسحابهما الذي سيضعه في مأزقٍ خطير- سوى الانصياع لرعونتهما من دون تفكير، حتى غدا تحت رحمتهما أشبه ما يكون بالأسير المكبلة يداه عن الفعل وقدماه عن المسير.

أخبار الجبهات

وسيبقى نبض قلبي يمنيا
لن ترى الدنيا على أرضي وصيا