كتابات | آراء

البحر الأحمر ملتقى الاطماع الاستعمارية ( 77 )

البحر الأحمر ملتقى الاطماع الاستعمارية ( 77 )

ومع ذلك فقد ظل البحر الأحمر وموانئه تؤدي دورها بما في ذلك ميناء عدن أستمرت كقاعدة بحرية هامة للتجارة وإن بدور أقل لكن ظلت التجارة الأتية من غرب العالم الإسلامي

تسلك طريق البحر الأحمر وموانئه حتى القلزم وغيرها من موانئ البحر الأحمرفي السواحل العربية والافريقية ويذكر ابن خردذابه أن اليهود الرذانية الذين يتكلمون العربية, والفارسية والإفرنجية والأندلسية والصقلية كانوا يسافرون من الشرق براً وبحراً يجلبون من الغرب الخدم والجواري والغلمان والديباج وجلود الخز والفراء والسمور والسيوف ويركبون من فرنجة في البحر الغربي فيخرجون بالفرما, ويحملون تجارتهم على الظهر إلى القلزم إلى الجار ثم جدة ثم عدن ثم يمضون إلى السند والهند والصين فيحملون من الصين المسك والعود والكافور والدراصيني (القرفة ) وغير ذلك مما يحمل من تلك النواحي حتى يرجعون عبر البحر الأحمر إلى ميناء ألقلزم ثم يحملونه إلى الفرما , ثم يركبون في البحر الغربي وهكذا كانت الموانئ  المطلة على البحر الأحمر تؤدي دورها التجاري وأن بشكل اقل لكنها استمرت تلعب دورها في التجارة في تلك العصور.
استعادة البحر الأحمر لسابق مكانته في العصرين الطولوني والاخشيدي "الذي ترافق مع عصر الدولة الزيادية في اليمن"  فقد أهتم أحمد بن طوليون اهتماماً خاصاً بتجارة البحر الأحمر وخصص عدد من السفن لخدمة التجارة وحماية السفن من القرصنة في عرض البحر من بحر عمان مروراً ببحر اليمن وبحر الحجاز حتى الأقصر فأمنت التجارة والحجيج في البحر الأحمر مما ساعدت على اجتذاب تجار فارس والعراق لمزاولة أعمالهم عبره وكسب موانئ البحر الأحمر والدول المطلة مكاسب طائلة من تجارة الشرق الاقصى وكان التجار العمانيون متفوقون في تجارة الشرق الاقصى
وبعد قيام الدولة الفاطمية في المغرب وانتقالهم إلى مصر ظهرت ميناء عيذاب كأهم موانئ البحر الأحمر بعد عدن كما برزت الأقصر وأصبحت للبحر الأحمر أهمية خاصة باعتباره بالإضافة لماسبق ذكره الطريق البحري الآمن المؤدي إلى الأراضي المقدسة وأعتبر المسلمون هذا البحر في العصور الوسطى إسلامياً موصداً في وجه السفن الغير إسلامية وأدى إسترجاع البحر الأحمر لمكانته الملاحية القديمة منذ النصف الأول من القرن الرابع الهجري نتيجة اهتمام حكام مصر بالملاحة فيه .
وبعد ثورة الزنوج في جنوب العراق والتي أشعل نارها زعيم يدعى علي محمد بن احمد وشملت المناطق الواقعة ما بين البصرة وواسط واستغرقت نحو 15عاماً من 255-270هجرية والتفت حول هذا الزعيم اعداد هائلة من الرقيق الأسود يحدوهم الأمل في التحرر من الرق وقد عاصرت ثورة الزنج الإرهاصات الأولى للحركة القرمطية التي شملت جنوب العراق وفارس والبحرين واليمن واخيراً تسللت إلى عُمان وقد عاثت القرامطة في المناطق الآمنة الخوف واقدموا على مهاجمة القوافل التجارية وقوافل الحج كما هاجموا مكة والكعبة المشرفة في 317هجرية ونهبوا الحجر الأسود ونقلوه إلى البحرين ثم إلى عمان وقد تسببت ثورة الزنج وحركة القرامطة في الإضرار بالتجارة الشرقية مع الهند والصين عبر الخليج الفارسي ولذلك تدهورت التجارة الشرقية عبر الخليج  الفارسي مماترتب عليه في العصر الطولوني والإخشيدي, والفاطمي اهتمام مصر بالبحر الأحمر والسيطرة المباشرة عليه وجعله آمن من القرصنة.. وقد ساعدت على ذلك الظروف الصعبة التي كانت تجتازها الدولة العباسية.

أخبار الجبهات

وسيبقى نبض قلبي يمنيا
لن ترى الدنيا على أرضي وصيا