كتابات | آراء

أسلوب المقارنة (*) في البحث العلمي «تطبيق عملي من القرآن الكريم»

أسلوب المقارنة (*) في البحث العلمي «تطبيق عملي من القرآن الكريم»

  ردة الفعل النفسية والسلوكية من الإنسان على الامتحان الإلهي المُزّمَن يمكن الاستدلال عليها واستقراءها واستنباطها من خلال القرآن الكريم باعتماد أسلوب المقارنة بين شاكلتين :


الشاكلة الأولى :
شاكلة إبليس وحزبه ، كفرعون ، والذي آتاه الله من آياته فانسلخ منها واتبع الشيطان فأغواه ومثله كالكلب إن تحمل عليه يلهث وإن تتركه يلهث ، والذي دخل جنته وهو ظالم لنفسه ، والذين أقسموا ليصر منها مصبحين ولا يستثنون ، والذي آتاه الله مالاً وبنيناً فكان لآيات الله عنيدا وفكر وقدر ، فقتل كيف قدر ، ثم قتل كيف قدر ، ثم نظر ، ثم عبس وبسر ، وقال إن هذا إلا سحر يؤثر ، والذي يشتري لهو الحديث ليضل عن سبيل الله ويتخذها هزوا.
وقارون أيضاً نصحه الصالحون من قومه بخمس نصائح واجبه على كل مؤمن ؛ لا تفرح؛ (نفسي ) ، وابتغ فيما آتاك الله الدار الآخرة (نفسي)، ولا تنس نصيبك من الدنيا، وأحسن كما أحسن الله إليك ( نفسي سلوكي) ولا تبغ الفساد في الأرض (نفسي، سلوكي). ورغم ذلك أعرض عن النصيحة وقال: إنما أوتيته على علم عندي !! .
جميعهم دمروا أنفسهم بأنفسهم؛ وفصّل الله لنا جزاءهم في الدنيا والآخرة ، وخسروا ، وحبطت أعمالهم وكان لهم سوء المصير..
ويمكن تشخيص أمراضهم في : الأنا ، الغرور والعجب ، الكبر شيطان إبليس ، ومنهم من أغواه الشيطان واتبع هواه وشهواته ؛ لم يكبحوا جماح شهوات نفوسهم فسيطرت عليهم! وجميعهم : نسوا الله وآلاءه ونعماءه !! ولم يذكروا ويشكروا نعماء الله وآلاءه!! بل جحدوا بها.

ملاحظة :
 ما يجمع بين جميع الحالات السابقة أيضاً : أنهم ضلوا عن الحق ، وكانوا سبباً لضلال وكفر وجحود وخسران كل من أحبهم وعشقهم واتبعهم ممن أعجب واغتر بهم وافتتن بهم !! إلا من رحم ربي ممن تاب وآمن وعمل صالحا.
وقد ذكر لنا القرآن الكريم ذلك في عشرات المواضع  وذكر لنا تفاصيل الحوارات والنقاشات بما فيها من (نفسيات وسلوكيات) وتبادل التُّهم والأماني ، والواقع ، والمصير المشترك ؟(وفي تدبر ذلك فائدة علمية عظيمة ).

الشاكلة الثانية :
شاكلة سليمان عليه السلام، الذي شكر نعماء الله وهو في عز تمكينه وقوة مُلكه ؛ فقال عليه السلام : هذا من فضل ربي ليبلوني أأشكر أم أكفر؛ ومن شكر فلنفسه!! ومن كفر  ؛ فإن ربي غني كريم ..
وكذلك من كانوا مع داوود عليه السلام ، كانوا يسارعون في الخيرات!! شاكرين.
ولقمان عليه السلام حيث آتاه الله الحكمة أن أشكر لله ومن يشكر فإنما يشكر لنفسه !! ثم فصّل لقمان لأبنه عدة تعليمات (مواعظ نفسية وسلوكية)!!
وإبراهيم عليه السلام ، الذي ظل يتدبر ويتفكر؛ حتى هداه الله ، وازداد يقينا  فكان أمة ؛ واتخذ الله إبراهيم خليلا.
ومريم بنت عمران ، التي أحصنت فرجها وصَدَّقت بكلمات ربها وكتبه وكانت من القانتين!!
ويجمع بين جميع من ذكرناه من أصحاب الشاكلة الثانية على سبيل المثال: التدبر والنظر في آيات وتعليمات الله تعالى واتباعها. واليقين والتوكل على الله والاعتصام به . والصبر بكل أنواعه وبكل ما ينتج عنه من حسنات وتأييد. ومحاربة ومجاهدة كل ما فيه ظلم وفساد نفسي وسلوكي ، والتوقي والوقاية والتحصين المستمر لأنفسهم من أمراض القلوب ومن مداخل وأساليب الشيطان.
سبحانك لا علم لنا إلا ما علمتنا إنك أنت العليم الحكيم اللهم إنا نسألك أن نكون ممن حسنت شاكلتهم،  ونعوذ بك من أمراض القلوب ، أو أن نكون من الضالين والصم البكم الذين لا يسمعون وإن يروا كل آية لا يهتدون ؛ إن هم كالأنعام بل هم أضل.
والحمد لله الذي هدانا لهذا وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله؛ وصل اللهم وسلم على سيدنا محمد وآله الطيبين الطاهرين وعباد الله الصالحين والمؤمنين والمؤمنات.
(*) لأهمية أسلوب المقارنة في البحوث العلمية ؛ فقد قارن الله تعالى في كتابه النور المبين الهدى للناس بين مواضيع وجزئيات متعددة، منها على سبيل المثال وليس الحصر : الخير والشر ، والنور والظلام، المجرمون والمتقون، الليل والظلام، الحالة النفسية والسلوكية ، الكلمة الطيبة والخبيثة ، الثمار والشجر والنبات ،  البحران، ما ينفع وما يضر الناس ، الجنة والنار، العلم والجهل، الضلال والهدى!!
كل ذلك حبّاً فينا وهداية وتعليماً لنا من الله سبحانه وتعالى.. كيف نقارن ؟ بنظر وتدبر ؛بما يحقق لنا النفع دنيا وآخرة بإذنه وفضله سبحانه ربنا ما أعلمه وأحكمه ، وأعدله وأكرمه.

أخبار الجبهات

وسيبقى نبض قلبي يمنيا
لن ترى الدنيا على أرضي وصيا