لليوم الرابع والعشرين على التوالي وغزة هاشم تتعرض لقصف همجي إسرائيلي لم يسبق له مثيل في التاريخ بدعم أمريكي وأوروبي ذهب ضحيته الآلاف من الشهداء والجرحى معظمهم من النساء والأطفال
مقالات
الأوضاع السياسية وكذا التطورات العسكرية المتوالية في اليمن, والتدخلات السافرة لقوى الشرور والطغيان قد أفرزت أسماء مالها من مكان غير الارتزاق والدوران مع عجلة الفوضى "والملشنة" هذه حقيقة يجب ان ننتبه لها وأن تظل ماثلة أمام أعيننا طالما رغبنا في قراءة الأحداث ومعرفة نوازع الأفراد والرموز..
ليس من قبيل المبالغة اعتبار المجزرة الوحشية التي يرتكبها الصهاينة بأحدث ما انتجته المصانع الغربية من أسلحة فتاكة في حقِّ مدنيي «قطاع غزة» -للأسبوع الرابع على التوالي- واحدةً من أبشع المجازر التي ارتكبت في التأريخ المعاصر إن لم تكن أبشعها على الإطلاق، وأشدُّها تحللًا من مكارم الأخلاق.
الملاحظ أن دور الإعلام بكل أنواعه التلفزيوني الرسمي الخاص أو على منصات التواصل الاجتماعي قاصر في إظهار النجاحات التي يحققها رجال المقاومة الفلسطينية واللبنانية التي توجه ضربات موجعة للعدو الإسرائيلي ولا يصل إلى المشاهد والقارئ إلاَّ لقطات الدمار وأنات الجرحى وصور جثث الشهداء وخاصة الأطفال والنساء..
منذ أول يوم من عملية "طوفان الأقصى"، اتفقت الدول الغربية على الانحياز لجانب الاحتلال الإسرائيلي، وهو ما عبرت عنه بالدعم العسكري واللوجستي الذي قدمته واشنطن لاحتلال الاسرائيلي، كي تستمر في قصف المدنيين في غزة. وبالتوازي مع ذلك، سعى الخطاب الرسمي والإعلامي الغربي إلى نزع الشرعية عن عمل المقاومة الفلسطينية ووصفه بـ "الإرهاب".
وفي حين تكفل المواثيق الدولية والقرارات الأممية حق الشعب الفلسطيني في المقاومة، بشتى الطرق، بما فيها المقاومة المسلحة، وتكشف هذه المواثيق اقنعة الغرب وفي مقدمتها امريكا، إذ يتباهون بأنفسهم كحماة للقوانين التي تحمي الشرعية الدولية وحقوق الانسان ، في حين ينكرون على الفلسطينيين حقهم الشرعي في اقامة دولتهم وعاصمتها القدس الشريف ، ويغضون الطرف عن جرائم الحرب التي يقوم بها الاحتلال الصهيوني الغاصب والمحتل للأراضي الفلسطينية.
واستمر الفلسطينيون قيادة وشعبا وعلى رأسهم حركة المقاومة الاسلامية حماس ، يؤكدون على شرعية دفاعهم عن أرضهم، بما في ذلك مقاومتهم المسلحة، ولهم الحق في ذلك، ليس فقط من المنطلق الأخلاقي، بل من منطلق القانون الدولي والقرارات الأممية.
و كما ورد في المادة الثانية من إعلان حقوق الإنسان والمواطن الصادر في 26 أغسطس/آب 1789، فإن "مقاومة القمع هي حق أساسي، وللفلسطينيين حق المطالبة به .
من ناحية أخرى، يعد حق تقرير المصير حقاً ثابتاً في القانون الدولي، ومبدأ أساسي في ميثاق الأمم المتحدة، والتي أكدت عليه في قرارها رقم 1514 في إعلان منح الاستقلال للبلدان والشعوب المستعمرة، بتاريخ 14 ديسمبر 1960م ، وأكدت بصفة صريحة أنه "لجميع الشعوب الحق في تقرير مصيرها، ولها بمقتضى هذا الحق أن تحدد بحرية مركزها السياسي وتسعي بحرية إلى تحقيق إنمائها الاقتصادي والاجتماعي والثقافي".
ويشمل هذا الحق القضية الفلسطينية، وهو ما يؤكده القرار الأممي رقم 3236، بتاريخ 22 نوفمبر 1974، والذي نص على أن الأمم المتحدة "تعترف كذلك بحق الشعب الفلسطيني في استعادة حقوقه بكل الوسائل وفقاً لمقاصد ميثاق الأمم المتحدة ومبادئه وتناشد جميع الدول والمنظمات الدولية أن تمد بدعمها الشعب الفلسطيني في كفاحه لاسترداد حقوقه، وفقاً للميثاق".
وفي عام 1970، أصدرت الأمم المتحدة القرار رقم 2649 بـ "إدانة إنكار حق تقرير المصير خصوصاً لشعوب جنوب افريقيا وفلسطين"، والذي ينص بالحرف على أن الجمعية العامة "تؤكد شرعية نضال الشعوب الخاضعة للسيطرة الاستعمارية والأجنبية، والمعترف بحقها في تقرير المصير، لكي تستعيد ذلك الحق بأية وسيلة في متناولها".
كما أكدت الجمعية العامة على شرعية المقاومة المسلحة الفلسطينية، وربطتها وقتها بما كانت تعيشه وجنوب إفريقيا من أنظمة فصل عنصري، أيضاً في قرارها بتاريخ 4 ديسمبر/ كانون الأول 1986، والذي ينص "على شرعية كفاح الشعوب من أجل استقلالها وسلامة أراضيها ووحدتها الوطنية، والتحرر من السيطرة الاستعمارية والفصل العنصري والاحتلال الأجنبي بكل الوسائل المتاحة، بما في ذلك الكفاح المسلح".
وفي نفس السياق، تؤكد كل من اتفاقية لاهاي واتفاقية جنيف الثالثة الخاصة بحماية أسرى الحرب، على شرعية حمل السلاح لمقاومة المحتل. وأصبغت اتفاقية جنيف صفة "أسرى الحرب" على أعضاء حركات المقاومة المنظمة "التي تعمل داخل أرضها أو خارجها وحتى لو كانت هذه الأرض واقعة تحت الاحتلال"، وذلك بشروط، أولها أن يكون لهم رئيس مسؤول، وأن يحملوا السلاح علناً، أن يحملوا علامة مميزة ظاهرة، وأن يلتزموا في نضالهم بقوانين الحرب وأعرافها، وهي كلها شروط تنطبق على المقاومة الفلسطينية.
وفي وقت تتنكر الدول الغربية الداعمة لإسرائيل لشرعية القانون الدولي بخصوص المقاومة الفلسطينية، يفضحها هذا القانون ويضعها أمام ازدواجية معاييرها ونفاقها، عندما تتجاهله بصم آذانها عن جرائم الحرب التي ترتكبها إسرائيل.
ومن الناحية القانونية، تعد جريمة الحرب الخرق المثبت لعدد من بنود اتفاقيات جنيف المحددة لقوانين وأعراف الحرب. وتحمي الاتفاقيات الثلاث الأولى من اتفاقيات جنيف المقاتلين وأسرى الحرب، بينما تحمي الاتفاقية الرابعة، التي تم تبنيها بعد الحرب العالمية الثانية، المدنيين في مناطق الحرب.
كما يؤكد النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية أن تعمد توجيه هجمات ضد السكان المدنيين أو ضد أفراد مدنيين لا يشاركون مباشرة في الأعمال الحربية "يشكل جريمة حرب".
وقامت إسرائيل بخرق عدد من هذه القوانين الدولية خلال عدوانها على غزة، وكآخر جريمة قصفها للمستشفى الأهلي المعمداني، حيث كان يحتمي به المئات من النازحين العزل، إضافة إلى عدد من الطواقم الطبية والمسعفين. وأدت هذه المذبحة إلى سقوط أكثر من 500 شهيد، حسب حصيلة وزارة الصحة الفلسطينية.
لذلك آن الاون للدولة العربية والاسلامية والدول الغربية التي تناصر الشرعية الدولية بالوقوف مع الشعب الفلسطيني لطرد المحتل الاسرائيلي ، وان تتخذ مواقف عملية من اجل ايقاف جرائم الحرب التي يرتكبها الاحتلال الاسرائيلي بحق الفلسطينيين ، وهو واجب ديني واخلاقي يحتم عليها القيام به على وجه السرعة دون استحياء.
محمود المخلافي.
باحث دكتوراة في القانون العام
كشف العدوان الصهيو أمريكي على غزة فظاعة وبشاعة العالم الغربي وحكوماته، وعنصريته ، وتعصبهم الديني، الذي يسحق كافة القيم والمعاني الإنسانية، والقوانين الدولية .. كما ان بشاعة العدوان ومجازره كشف كذلك المستوى المَهٍين الذي وصلت إليه الأنظمة العربية، التي باعت كرامتها ، وتخلت عن مقدساتها الإسلامية والقضية الفلسطينية ، وأن كل ما يهم هذه الأنظمة هو الحفاظ على أعلى مستويات الطاعة للبيت الأبيض..
لذلك لم توقظ مجازر العدوان الصهيوني ضمائر حكام العرب والمسلمين، لاستشعار مسؤولياتهم الدينية ، والإنسانية تجاه القضية الفلسطينية والمقدسات الإسلامية، وابناء غزة الذين يتعرضون لأبشع الجرائم ، ما يجعلنا ندرك أن لا مجال للتعويل على هؤلاء الحكام لأن يقدموا شيئاً للقضية الفلسطينية؛ قضية الأمة المحورية.
وأنهم كذلك لن يقدموا لشعوبهم سوى المزيد من الذل والبؤس والاستعباد، والتخلف الحضاري والإنساني والقيمي.
أما الدول العظمي الغربية، فقد حددت موقفها منذ اللحظة الأولى للعدوان وبشكل واضح وصريح أنها تقف مع العدو في خندق واحد، وانها مع كل ما يرتكبه من مجازر وإبادة وتهجير وحصار وتدمير شاملٍ لغزة وفلسطين أرضاً وإنساناً، ولكل ما له علاقة بحياة ، بل ذهبت في مواقفها الى أبعد من ذلك مبررة ارتكاب تلك الفظائع بأنها مشروعة وتأتي في إطار حق العدو المحتل في الدفاع عن النفس..
معززين مواقفهم بزياراتهم المستمرة الى فلسطين المحتلة، ليؤكدوا للعدو الصهيوني الغاصب انهم معه ، بكل امكانياتهم؛ العسكرية والمالية والسياسية، وفي المحافل الدولية، بل وأنهم يعملون أبواقاً لكل قول وادعاء كاذب يصدر عن قادة حكومة العدو لتضليل العالم عما يرتكبونه من جرائم إبادة جماعية ، وجرائم ضد الانسانية.
كل هذا الدعم والاسناد والمشاركة الفاعلة من قوى الطغيان العالمي لهذا العدو العنصري، إنما يؤكد أن معركتهم هي معركة دينية عسكرية ضد الإسلام والمسلمين، يستخدمون فيها كافة الوسائل القذرة وغير المشروعة ، وعلى مرأى ومسمع المجتمع الدولي ممثلاً بالأمم المتحدة وميثاقها وهيئاتها، معلنين قولاً وفعلاً ان لا عدالة لمظلوم في شرعتهم وعالمهم ، ناقضين وناكثين كافة المواثيق والعهود الدولية، والقانون الدولي الإنساني، وحقوق الانسان.
إنها حالة انكشاف زيف الشعارات والادعاءات الحقوقية والإنسانية الغربية التي أبانت بشاعتهم؛ وانهم ليسوا سوى عنصريين، وقتلة، وارهابيين، ومصاصي دماء الأبرياء، ومفسدين في الأرض، وأعداء للإنسانية وللأديان، وللقيم والأخلاق.
أمام كل هذا الباطل، ومهما كانت التبعية وعمالة الكثير من الحكام العرب، إلا أن القليل من الكرامة لن يخدش كثيراً من صدق عمالتهم أو يؤثر في سيرتهم، وبعدها يمكن لهم الرجوع والندم والتوبة ،أو تقديم كفارة لأسيادهم، ألا يمكن لهؤلاء الحكام ولو لمرة واحدة أن يصنعوا موقفاً موحداً ينتصر للحق، ويوقف بشاعة هذا العدوان اللامسبوق بحقهم ودينهم وأمتهم ومقدساتهم، وأن يقدموا من خلال هذا المواقف غير المعهود وغير المتوقع منهم، بصيص أمل لشعوبهم ، مفاده أن حكوماتهم لم تمت ، وأنه ما يزال فيها رمقٌ قابل للإنعاش وإعادتها للحياة مهما كانت اعتلالاتها، ما لم فعلى الشعوب أن تشيع حكوماتها وتقول بصوتٍ واحدٍ " إنا لله وإنا إليه راجعون ".